حصل لها من الذلة بالطلاق، فكيف يسوغ الطلاق الذي يكرهه ويحرمه.
وأيضًا فإن هذا الكلام يقتضي جوازَ إيقاع الثلاث جملةً، ونحن في هذا المقام إنما نتكلم على القول بتحريمه، فأما مع القول بجوازه فلا ريبَ في وقوعه.
وإذا عُرِف أن هذا مقصود الشارع فالطلاق المسمَّى الشرعي لا يترتَّبُ عليه مفسدة راجحة، بخلاف غيرِه من أنواع الطلاق البدعي المنهي عنه، فإن فيه من المفسدة الراجحة ما أوجبَ أن الله ينهى عنه. والفساد الحاصل في الطلاق والتحليل وخلع اليمين وغير ذلك إنما هو لخروجهم عن طاعة الله ورسوله فيما شرع لهم من الطلاق، فلما فعلوا ما نُهُوا عنه أوجبَ ذلك لهم ضررًا في دينهم أو دنياهم، فإنهم إن لم يخالفوا أمرًا آخر حصل لهم ضرَرٌ في دنياهم بمفارقة الأهل وخراب البيت وتشتيت الشَّمْل وتفرق الأولاد، وبالمطالبة بالصدقات المتأخرة وفرض النفقات، وغير ذلك من أنواع الشرور الحاصلة بالطلاق في الدنيا، وإن دخلوا فيما نُهُوا عنه من تحليل وغيره حصل لهم ضررٌ في دينهم مع الضرر في الدنيا أيضًا، بالعار بدخولهم فيما نُهُوا عنه من الطلاق البدعي، يوجب لهم الضرر والشر لا محالةَ، فإذا أوقعوه فقيل إنه يقع حَصَلَ هذا الضررُ، فإن الضرر لم ينشا من إيقاع لا وقوعَ معه، وإنما نشأ من إيقاع معهُ وقوع. فإذا قيل: إنه يقع، فالضرر حاصل لم يَزُل، والفساد واقعٌ لم يرتفع، ولم يكن في النهي ما يرفع الفسادَ ويُصلحُ العباد، بل كان أن لا يُنْهَوا عنه ويحرم عليهم أقل لضررهم، فإن الضرر حاصل بوقوعه إذا أوقعوه، لكن إذا كان محرمًا زاد الضرر بالإثم، فيبقون آثمين مضرورين، وفساد النهي عنه حاصل مع أن المنهيَّ عنه من باب العقود، والكلام