تحرم بالثانية. ثم ذكر حكمه إذا أوقع الثالثة بقوله: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ). وقد فسَّر بعضهم (?) معناه بانَّ قوله (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) هو الطلقة الثالثة، وهذا غلط من وجوهٍ كما قد ذُكِر في موضع آخر. ومعلومٌ أن هذا لا يتناول الثلاث المجموعة، فإنه ليس بعد وقوع الثلاثِ إمساكٌ بمعروف.
الوجه الخامس: أن قوله (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ) لفظ معرف باللام، فيعود إلى الطلاق المعهود، وهو الطلاق الذي تقدم ذكره في كتاب الله بقوله (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ)، وهو الطلاق الرجعي، فدلَّ ذلك على أن الطلاق المشروع في كتاب الله هو الطلاق الرجعي الذي يقع مرةً بعد مرةٍ، وبعدهما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، والثالثة قوله (فَإِنْ طَلَّقَهَا).
الوجه السادس: أن قوله (مَرَّتَانِ) إمّا أن يُريد به مرةً بعد مرة، كما في قوله (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) (?)، وكما في قوله تعالى: (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) (?) الآية. ومعلومٌ أن الثلاث في الاستئذان لا تكون بكلمةٍ واحدةٍ، فلو قال: "سلامٌ عليكم، أأدخل ثلاثًا" لم يكن قد استأذنَ ثلاثًا. وكما في قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من قال في يومٍ مئة مرة سبحانَ الله وبحمده حُطَّت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر" (?)؛ وفي مثل قوله: "سبّح ثلاثًا وثلاثين، وحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر ثلاثًا وثلاثين" (?)؛ وقوله: "كان إذا سلَّم