العدة. وقد دلَّ على ذلك سنة رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصحيحة في فاطمة بنت قيس حيث قال لها: "ليس لكِ سكنى ولا نفقة" (?). ولم يعارِضْ ذلك أحدٌ بمعارضةِ صحيحة، فإنّ القرآن لا يخالف ذلك بل يوافقه، فإنّ الله قال: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (?)، والضمير عائد على ما تقدم، وهي الرجعية. وما ذكره في الحامل والمرضع فبيّن فيه أن النفقة حينئذ لأجل الحمل، لا لأجل النكاح، ولهذا قال: (حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، فهذا ذكره لغاية نفقة الحمل، وإلاّ فقد بين عدة الحامل بقوله (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (?)، وقوله بعد ذلك: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) (?). وقد ثبت بالإجماع أن أجرة الرضاع نفقة الولد، وهي تجب للنسب لا للنكاح، فدل ذلك على أن نفقة الحامل لذلك.

ولهذا كان أصح القولين أن نفقة الحامل تجب للحمل (?)، وحكمُها حكمُ نفقة الولد التي تجب على والده، وهذا مذهب مالك وأحمد في أظهر الروايتين عنه، والشافعي في أحد قولَيْه، ومن قال: إنها تجب للزوجة من أجل الحمل، فكلامه متناقض لا يُعقَل.

الخامس: أنه قال (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (?))، وهو كما قال غيرُ واحدِ من الصحابة، فأيّ أمرِ يحدث بعد الثلاث، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015