الصحابة، فقالوا له: الشرط في الربائب دون الأمهات. فرجعَ ابن مسعود، فأمرَ الذي كان أفتاه أن يفارقَ امرأتَه، لما علم أن هذا مما تناولته آية التحريم، وهو قوله: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) (?)، علم أن هذا العقد فاسد.
وكذلك سائر الصحابة والعلماء متفقون على الاستدلال على فساد هذه العقود بالنهي، وهذا في العبادات أظهر، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا أنّ الذين قالوا: إنّ الطلاق المحرَّم يقعُ، قد احتجّ بعضهم بقوله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) (?). قالوا: والمراد لا يحلّ لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن من الولد، فدلّ ذلك على أنه طلّقها بعد أن أصابها، وإلاّ فلو طلَّقها في طهرٍ لم يصبها فيه لم يكن حاملاً، ولو طلّقها وقد استبان حملُها لم يمكنها كتمانُ الحمل.
وهذه الحجة مما يعتمد عليها من يراها حجة قوية، وسنبيّن إن شاء الله أن هذه الآيةَ حجةٌ عليهم لا لهم، وممن ذكر ذلك أبو علي الجبَّائي في تفسيره، فقال بعد أن نَصرَ أنّ الأقراءَ هي الحيض: وقد دلَّت هذه الآية على أن الطلاق قد يَلزَم لغير السنة، وذلك أنّ المطلِّق للسنة هو من طلَّق امرأته وهي طاهر من غير جماع، أو طلَّقها بعد أن تبيَّن الحملُ بها، والمطلقة إذا كانت طاهرًا من غير جماع لا يجوز أن