الحائض، والصلاة في الدار المغصوبة، إذْ ليس معهم صورةٌ منهيٌّ عنها مع أنها صحيحة لازمة، لا بنص ولا بإجماعٍ، بل كل ما يُذْكَرُ في ذلك فهو من صُوَر النزاع، ولا نصَّ في شيء من ذلك على أنه صحيح لازم. ولهذا لم يكن هذا القول معروفًا عن أحدٍ من السلف والأئمة، كما لم يُعرَف ذلك عن أحدٍ من السلف والأئمة، وإنما قاله طائفة من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية ومن تَبعَهم، وقال هؤلاء: إن فساد العبادات والعقود لا يتلقى من خطاب الشارع بالأمر والنهي والتحليل والتحريم، وإنما يتَلَقَّى من خطاب الإخبار بقوله: إنّ هذا صحيح أو فاسد، أو جَعْلِه الشيءَ شرطًا ومانعًا وركنًا، فيفسد العبادة أو العقد، لفواتِ شرطِه أو رُكنِه أو لوجودِ مانعِه.
وهذا كلامُ قومٍ ليسوا من أهل الاجتهاد والعلم بالأدلة الشرعية، وإنما يتكلمون في مقدّراتٍ مفروضةٍ في الأذهان، لا وجودَ لها في الأعيان، فإن هذا الذي زعموا أنه هو الذي يُستدلُّ به على صحةِ العقود والعباداتِ وفسادِها، لا يُوجَد في كلام الشارع، لا يوجد في كلامه أنه قال: هذا العقد أو العبادة تصحّ أو لا تصحّ، أو هذا ركن أو شرط أو مانع ونحو ذلك. وإنما هذه عبارات الفقهاء الذين فهموا ما فهموه من كلام الشارع، وعبَّروا عن ذلك بعباراتهم، ثمَّ قد يكون ما عبَّروا به عن كلام الشارع حقًّا بالإجماع، وقد يكون فيه نزاع.
وأما الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين أهل الاجتهاد فإنهم يحتجون به على فساد العبادات والعقود بالنهي عنها، كما يُفسِدون نكاح الأمهات والأخوات وغيرهما من المحرمات.
ولهذا لما أفتى ابن مسعود رجلاً في تزوج بنت امرأته التي لم يدخل بها، واعتقد أنها كالربيبة، ثمَّ قَدِمَ المدينةَ، فسأل عمر وغيره من