- العشاق نوعان

أتأْذَنُونَ لِصَب في زيارتكم فعندكم شَهَواتُ السمعِ والبَصَرِ

لا يُضْمِرُ الشوقَ إن طالَ الجلوسُ به عَفُّ الضميرِ ولكن فاسقُ النَّظَرِ

وقيل لبعض العشاق: ما كنتَ تَصنَعُ لو ظَفِرْتَ بمن تَهوَى؟ قال:

كنت أَمْنَعُ طَرْفي من وجهِه، وأُرَوِّحُ قلبي بذكرِه وحديثِه، أستُر منه مالا يحب كَشْفُه، ولا أصير بفتح القفل إلى ما يَنقُض عهده. وأنشد (?):

أخلو به فأعفّ عنه كأنني خوفَ الديانة لستُ من عُشَّاقِه

كالماءِ في يدِ صائم يَلْتَذُّه ظَمَأ فيَصْبِر عن لذيذِ مَذاقِه

وانقسموا قسمين:

قسمٌ قَنِعُوا بالنظرة البعيدة ولو في مدّة مديدة، كما قال شاعرهم:

ليسَ في العاشقينَ أقنَعُ مني أنا أَرضَى بنظرة من بعيدِ

وقال الآخر:

لو مَرَّ في خاطري تَقبيلُ وَجْنَتِه لَسَيلَتْ فِكَرِي عن عارضَيْه دمَا

وقال آخر:

وأَحفظُه عن نَاظِرَيَّ ومُقْلَتِي مخافةَ أن العينَ تَجْرَحُ خَدَّهُ

واستمرُّوا على هذه الحالة، فمنهم من يموتُ وهو كذلك، لا يَظهر سِرُّه لأحدٍ، حتى محبوبُه لا يَدري به. رُوِي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "مَن عَشِق فعَفَّ فكَتَمه فماتَ منه فهو شهيد" (?). وهذا مقام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015