أتأْذَنُونَ لِصَب في زيارتكم فعندكم شَهَواتُ السمعِ والبَصَرِ
لا يُضْمِرُ الشوقَ إن طالَ الجلوسُ به عَفُّ الضميرِ ولكن فاسقُ النَّظَرِ
وقيل لبعض العشاق: ما كنتَ تَصنَعُ لو ظَفِرْتَ بمن تَهوَى؟ قال:
كنت أَمْنَعُ طَرْفي من وجهِه، وأُرَوِّحُ قلبي بذكرِه وحديثِه، أستُر منه مالا يحب كَشْفُه، ولا أصير بفتح القفل إلى ما يَنقُض عهده. وأنشد (?):
أخلو به فأعفّ عنه كأنني خوفَ الديانة لستُ من عُشَّاقِه
كالماءِ في يدِ صائم يَلْتَذُّه ظَمَأ فيَصْبِر عن لذيذِ مَذاقِه
وانقسموا قسمين:
قسمٌ قَنِعُوا بالنظرة البعيدة ولو في مدّة مديدة، كما قال شاعرهم:
ليسَ في العاشقينَ أقنَعُ مني أنا أَرضَى بنظرة من بعيدِ
وقال الآخر:
لو مَرَّ في خاطري تَقبيلُ وَجْنَتِه لَسَيلَتْ فِكَرِي عن عارضَيْه دمَا
وقال آخر:
وأَحفظُه عن نَاظِرَيَّ ومُقْلَتِي مخافةَ أن العينَ تَجْرَحُ خَدَّهُ
واستمرُّوا على هذه الحالة، فمنهم من يموتُ وهو كذلك، لا يَظهر سِرُّه لأحدٍ، حتى محبوبُه لا يَدري به. رُوِي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "مَن عَشِق فعَفَّ فكَتَمه فماتَ منه فهو شهيد" (?). وهذا مقام