يقرؤون القرآنَ، ويتعلَّمونَ الفرائضَ والسُّنَنَ، ويذكرون الله - عز وجل - (?) .
وروى عطية عن أبي سعيد الخدري، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((ما مِنْ قومٍ صلَّوا صلاةَ الغداةِ، ثم قعدُوا في مُصلاَّهم، يتعاطَونَ كتابَ الله، ويتدارسونه، إلاَّ وكَّلَ الله بهم ملائكةً يستغفرُون لهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره)) (?) وهذا يدلُّ
على استحباب الاجتماع بعد صلاة الغداة لمدارسة القرآن، ولكن عطية فيه
ضعف (?) .
وقد روى حربٌ الكرمانيُّ بإسناده عن الأوزاعيِّ أنَّه سُئِلَ عن الدِّراسة بعدَ صلاة الصُّبح، فقال: أخبرني حسَّانُ بن عطيَّة أنَّ أوَّلَ من أحدَثها في مسجد دمشقَ هشامُ بن إسماعيل المخزوميُّ في خلافة عبد الملك بن مروان، فأخذ النّاسُ بذلك.
وبإسناده عن سعيد بن عبد العزيز، وإبراهيم بنِ سليمان: أنَّهما كانا يدرسان القرآن بعد صلاة الصبح ببيروت والأوزاعي في المسجد لا يُغّيِّرُ عليهم.
وذكر حربٌ أنَّه رأى أهلَ دمشق، وأهلَ حمص، وأهلَ مكة، وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعدَ صلاة الصُّبح، لكن أهل الشام يقرءون القرآن كُلهم جملةً مِنْ سورةٍ واحدةٍ بأصواتٍ عالية، وأهل مكة وأهل البصرة يجتمعون، فيقرأ أحدُهم عشرَ آياتٍ، والنَّاسُ يُنصِتون، ثمَّ يقرأُ آخرُ عشراً، حتَّى يفرغوا. قال حرب: وكلُّ ذلك حسنٌ جميلٌ.
وقد أنكر ذلك مالكٌ على أهل الشام. قال زيدُ بنُ عبيدٍ الدِّمشقيُّ: قال لي مالكُ بنُ أنسٍ: بلغني أنَّكم تجلِسونَ حِلَقاً تقرؤون، فأخبرتُه بما كان يفعلُ أصحابنا، فقال مالك: عندنا كان المهاجرون والأنصار ما نعرِفُ هذا، قال: فقلت: هذا طريف؟ قال: وطريفٌ رجل يقرأ ويجتمعُ الناس حوله، فقال: هذا عن غير رأينا.
قال أبو مصعب وإسحاق بن محمد الفروي: سمعنا مالكَ بن أنسٍ يقول: الاجتماعُ بكرة بعدَ صلاة الفجر لقراءة القرآن بدعةٌ، ما كان أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا العلماء بعدَهم على هذا، كانوا إذا صلَّوا يَخْلو كلٌّ بنفسه، ويقرأ،