بينهم، إلا نزلت عليهمُ السَّكينةُ، وغشيتهُم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكرهمُ اللهُ فيمن عنده)) (?) . هذا يدلُّ على استحباب الجلوس في المساجد لتلاوة القرآن ومدارسته. وهذا إن حُمِل على تعلم القرآن وتعليمه، فلا خلاف في استحبابه، وفي " صحيح البخاري " (?) عن عثمان، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:
((خيرُكم من تعلَّم القرآن وعلَّمه)) . قال أبو عبد الرحمان السلمي: فذاك الذي أقعدني مقعدي هذا، وكان قد علم القرآن في زمن عثمان بن عفان حتى بلغ الحجَّاجَ بن يوسف.
وإن حمل على ما هو أعمُّ مِنْ ذلك، دخل فيه الاجتماعُ في المساجد على دراسة القرآن مطلقاً، وقد كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أحياناً يأمرُ مَنْ يقرأ القرآن ليستمع قراءته، كما أمر ابن مسعود أنْ يقرأ عليه، وقال: ((إنِّي أُحِبُّ أن أسمعَهُ مِنْ غيري)) (?) وكان عمرُ يأمرُ من يقرأُ عليه وعلى أصحابه وهم يسمعون، فتارةً يأمرُ أبا موسى، وتارةً يأمرُ عُقبةَ بن عامر.
وسئل ابن عباس: أيُّ العمل أفضل؟ قال: ذكرُ الله، وما جلس قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتعاطَوْنَ فيه كتابَ الله فيما بينهم ويتدارسونه، إلاَّ أظلَّتهم الملائكة بأجنحتها، وكانوا أضياف الله ما داموا على ذلك حتَّى يُفيضوا في حديثٍ غيره (?) . ورُوي مرفوعاً والموقوف أصحُّ.
وروى يزيد الرقاشي عن أنس قال: كانوا إذا صلَّوُا الغداة، قعدوا حِلَقاً حِلَقاً،