دخلتُ فيه عن شيءٍ كنتُ أفعلُه، أو كما قال (?) .
وإنَّما كانوا يقومون بالحِلاب؛ لأنَّ العربَ كانت لا تَحلُبُ النِّساءُ منهم، وكانوا يستقبحون ذلك، فكان الرجالُ إذا غابوا، احتاج النساءُ إلى من يحْلُبُ لهنَّ. وقد روي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال لقوم (?) : ((لا تسقوني حَلَبَ امرأةٍ)) (?) .
وكان عمر يتعاهد الأرامل فيستقي لهنَّ الماءَ باللَّيل، ورآه طلحةُ بالليل يدخلُ بيتَ امرأةٍ، فدخلَ إليها طلحةُ نهاراً، فإذا هي عجوزٌ عمياءُ مقعدةٌ، فسألها: ما يصنعُ هذا الرَّجلُ عندك؟ قالت: هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني يأتيني بما يُصلِحُني، ويخرج عنِّي الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمُّكَ طلحةُ، عثراتِ عمر تتبع؟ (?)
وكان أبو وائل يطوفُ على نساء الحيِّ وعجائزهم كلَّ يوم، فيشتري لهنَّ حوائجهنّ وما يُصلِحُهُنَّ.
وقال مجاهد: صحبتُ ابنَ عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدُمُني (?) .
وكان كثيرٌ من الصَّالِحين يشترطُ على أصحابه في السفر أنْ يخدُمَهم. وصحب رجلٌ قوماً في الجهاد، فاشترط عليهم أنْ يخدُمَهم، فكان إذا أرادَ أحدٌ منهم أنْ يغسل رأسه أو ثوبه، قال: هذا من شرطي، فيفعله، فمات فجرَّدوهُ للغسل، فرأَوا على يده مكتوباً: من أهل الجنَّة، فنظروا، فإذا هي كتابةٌ بين الجلد واللحم.
وفي " الصحيحين " (?) عن أنس، قال: كنَّا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في السَّفر،
فمنَّا الصّائم، ومنا المفطرُ، قال: فنَزلنا منْزلاً في يومٍ حارٍّ، أكثرنا ظلاًّ صاحبُ الكساءِ، ومنَّا من يتَّقي الشَّمسَ بيده، قال: فسقط الصُّوَّام، وقام المفطرون، وضربُوا الأبنية، وسَقوا الرِّكابَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ذهب المفطرونَ اليومَ بالأجرِ)) .