وتارةً الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارةً النصيحةُ للمؤمنين، والرَّحمةُ لهم، ورجاء إنقاذهم ممَّا أوقعوا أنفسهم فيه من التعرُّض لغضب الله وعقوبته في الدُّنيا والآخرة، وتارةً يحملُ عليه إجلالُ الله وإعظامُه ومحبَّتُه، وأنَّه أهلٌ أنْ يُطاعَ فلا يُعصى، ويُذكَرَ فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، وأنْ يُفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال، كما قال بعضُ السَّلف: وددت أنَّ الخلقَ كلَّهم أطاعوا الله، وإنَّ لحمي قُرِض بالمقاريض (?) . وكان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز - رحمهما الله - يقول لأبيه: وددتُ أنِّي غلت بيَ وبكَ القدورُ في الله - عز وجل - (?) .
ومن لَحَظَ هذا المقامَ والذي قبله، هان عليه كلُّ ما يلقى من الأذى في الله تعالى، وربما دعا لمن آذاه، كما قال ذلك النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا ضربه قومُه فجعل يمسَحُ الدَّمَ
عن وجهه، ويقول: ((ربّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون)) (?) .