ولكن هذه الرواية تُعارِض رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة فذكر قصة القتيلِ، وقال فيه: فذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقتل عبد الله بن سهل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يُقسِمُ خمسون منكم على رجلٍ منهم، فيدفع برُمته)) ، وهذه هي الرواية المشهورة الثابتة المخرَّجة بلفظها بكمالها في " الصحيحين " (?) .
وقد ذكر الأئمَّة الحُفَّاظُ أنّ رواية يحيى بن سعيدٍ أصحُّ من رواية سعيد بن عُبيدٍ الطَّائي، فإنَّه أجلُّ وأعلم وأحفظ، وهو من أهل المدينة، وهو أعلمُ بحديثهم من الكوفيِّين.
وقد ذَكَر الإمام أحمد مخالفة سعيد بن عبيد ليحيي بن سعيد في هذا الحديث، فنفض يده، وقال: ذاك ليس بشيءٍ، رواه على ما يقول الكوفيون، وقال: أذْهَبُ إلى حديث المدنيين يحيى بن سعيد. وقال النَّسائيُّ: لا نعلم أحداً تابعَ سعيد بن عُبيدٍ على روايته عن بشير بن يسار، وقال مسلم في كتاب " التمييز " (?) : لم يحفظه سعيدُ بنُ عُبيدٍ على وجهه؛ لأنَّ جميع الأخبار فيها سؤال النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إيَّاهم قسامة خمسين يميناً، وليس في شيء من أخبارهم أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سألهم البيِّنَةَ، وترك سعيد القسامة، وتواطُؤُ الأخبارِ بخلافه يقضي عليه بالغلط، وقد خالفه يحيى بن سعيد.
وقال ابن عبد البرّ (?) في رواية سعيد بن عبيد: هذه روايةُ أهل العراق عن بُشير بن يسار، وروايةُ أهل المدينة عنه أثبتُ، وهم به أقعدُ، ونقلُهم أصحُّ عند أهل العلم.
قلت: وسعيد بن عُبيد اختصر قصَّة القسامة، وهي محفوظةٌ في الحديث، وقد خرَّج النَّسائيُّ (?) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله