وأما إذا نُفي الإيمانُ عَنْ أحدٍ، وأُثبتَ له الإسلامُ، كالأعراب الذينَ أخبرَ الله عنهم، فإنّه ينتفي رسُوخُ الإيمانِ في القلبِ، وتثبُت لهم المشاركةُ في أعمالِ الإسلامِ الظَّاهرةِ مع نوعِ إيمانٍ يُصحِّحُ لهمُ العملَ، إذ لولا هذا القدر مِنَ الإيمانِ (?) لم يكونُوا مسلمين، وإنَّما نفي عنهُم الإيمانِ؛ لانتفاء ذوقِ حقائقِه، ونقصِ بعضِ واجباته، وهذا مبنيٌّ على أنَّ التّصديقَ القائم بالقلوبِ متفاضلٌ، وهذا هو الصَّحيحُ، وهو أصحُّ الرِّوايتين عَنْ أحمد (?) ، فإنَّ إيمانَ الصِّدِّيقين الذين يتجلَّى الغيبُ لقلوبهم حتى يصيرَ كأنَّه شهادةٌ، بحيث لا يقبلُ التَّشكيكَ ولا الارتيابَ، ليس كإيمانِ غيرِهم ممَّن لم يبلغ هذه الدرجة بحيث لو شُكِّكَ لدخلهُ الشكُّ، ولهذا جعلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مرتبةَ الإحسّانِ أنْ يعبُد العبدُ ربَّه كأنَّه يراهُ، وهذا لا يحصلُ لِعمومِ المؤمنينَ، ومن هنا قال بعضهم: ما سبقكم أبو بكرٍ بكثرة صومٍ ولا صلاةٍ، ولكن بشيءٍ وقرَ في

صدره (?) .

وسُئِل ابنُ عمرَ: هل كانتِ الصحابةُ يضحكون؟ فقال: نعم والإيمانُ في قلوبهم أمثالُ الجبالِ (?) . فأينَ هذا ممّن الإيمان في قلبه يَزنُ ذرَّةً أو شعيرةً؟! كالّذينَ يخرجونَ من أهلِ التّوحيد مِنَ النارِ، فهؤلاء يصِحُّ أنْ يُقالَ: لم يدخُلِ الإيمانُ في قُلوبهم لضعفِه عندهم.

وهذه المسائلُ - أعني: مسائل الإسلامِ والإيمانِ والكُفرِ والنِّفاقِ - مسائلُ عظيمةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015