فلولا أنَّ الإسلام المطلق يدخُلُ فيه الإيمانُ والتَّصديقُ بالأصولِ الخمسةِ، لم يَصِرْ مَنْ قالَ: أنا مسلمٌ مؤمناً بمجرَّدِ هذا القول، وقد أخبرَ الله عن مَلِكَةِ سبأ أنَّها دخلت في الإسلام بهذه الكلمة: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (?) ، وأخبر عن يوسف - عليه السلام - أنَّه دعا بالموت على الإسلام. وهذا كلُّه يدل على أنَّ الإسلام المطلقَ يدخُلُ فيه ما يدخُلُ في الإيمان مِنَ التَّصديق.

وفي " سنن ابن ماجه " (?) عن عديِّ بن حاتمٍ، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عديُّ، أسلم تسلم)) ، قلت: وما الإسلام؟ قال: ((تشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وتشهدُ أنِّي رسولُ الله، وتؤمن بالأقدارِ كلِّها، خيرها وشرِّها، حلوِها ومرِّها)) فهذا نصٌّ في أنَّ الإيمان بالقدر مِنَ الإسلامِ.

ثم إنَّ الشهادتين مِنْ خصالِ الإسلامِ بغير نزاعٍ، وليسَ المرادُ الإتيان بلفظهما دونَ التَّصديق بهما، فعُلِمَ أنَّ التّصديقَ بهما داخلٌ في الإسلامِ، قد فسّرَ الإسلامَ المذكورَ في قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ} (?) بالتَّوحيد والتَّصديق طائفةٌ مِنَ السَّلف، منهم محمدُ بنُ جعفر بنِ الزُّبير (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015