وهو من علامات الزُّهد في الدُّنيا، وقلَّةِ

الرَّغبة فيها، كما قال عليٌّ - رضي الله عنه -: من زهد في الدُّنيا، هانت عليه المصيباتُ.

والثالث: أنْ يستوي عندَ العبد حامدُه وذامُّه في الحقِّ، وهذا من علامات الزُّهد في الدُّنيا، واحتقارها، وقلَّةِ الرَّغبة فيها، فإنَّ من عظُمتِ الدُّنيا عنده أحبَّ المدحَ وكرِهَ الذَّمَّ، فربما حمله ذلك على تركِ كثيرٍ مِنَ الحق خشيةَ الذَّمِّ، وعلى فعلِ كثيرٍ مِنَ الباطلِ رجاءَ المدح، فمن استوى عنده حامدُه وذامُّه في الحقِّ، دلَّ على سُقوط منزلة المخلوقين من قلبه، وامتلائه مِنْ محبَّة الحقِّ، وما فيه رضا مولاه، كما قال ابن مسعود: اليقين أنْ لا تُرضي النَّاسَ بسخط الله (?) . وقد مدح الله الذين يُجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم.

وقد روي عن السَّلف عبارات أخرُ في تفسير الزُّهد في الدُّنيا، وكلها تَرجِعُ إلى ما تقدَّم، كقول الحسن: الزاهد الذي إذا رأى أحداً قال: هو أفضل مني، وهذا يرجع إلى أنَّ الزاهد حقيقةً هو الزَّاهدُ في مدح نفسه وتعظيمها، ولهذا يقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015