وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في دعائه إذا صلّى على الميِّت: ((اللهُمَّ مَنْ أحييتَهُ منّا فأحيهِ على الإسلامِ، ومَن تَوفَّيتَهُ منّا فتوفَّه على الإيمان (?)) ) ؛

لأنَّ الأعمال بالجوارحِ إنَّما يُتَمكَّنُ منه (?) في الحياةِ، فأمّا عندَ الموتِ فلا يبقى غيرُ التَّصديق بالقلبِ (?) .

ومن هُنا قال المحقِّقون مِنَ العُلماءِ: كلُّ مُؤمِنٍ مُسلمٌ، فإنَّ من حقَّق

الإيمان، ورسخ في قلبه، قام بأعمال الإسلام (?) ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإنَّ في

الجَسَدِ مُضغةً، إذا صَلحَتْ صَلَحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فَسَدتْ فسدَ الجَسَدُ كلُّه، ألا وهي القَلبُ (?)) ) ، فلا يتحقَّقُ القلبُ بالإيمان إلاَّ وتنبعِثُ الجوارحُ في

أعمالِ الإسلامِ، وليس كلُّ مسلمٍ مؤمناً، فإنَّه قد يكونُ الإيمانُ ضعيفاً، فلا يتحقَّقُ القلبُ به تحقُّقاً تامّاً مع عمل جوارِحِه بأعمال الإسلام، فيكون مسلماً، وليس بمؤمنٍ الإيمانَ التَّامَّ، كما قال تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (?) ، ولم يكونوا مُنافقينَ

بالكُلِّيةِ على أصحِّ التَّفسيرينِ، وهو قولُ ابنِ عبّاسٍ وغيره (?) ، بل كان إيمانُهم ضعيفاً، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ

شَيْئاً} (?) ، يعني: لا ينقصُكم من أجورِها، فدلَّ على أنَّ معهم من الإيمانِ ما تُقبَلُ به أعمالُهم (?) .

وكذلك قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص لما قال له: لم (?) تعطِ فلاناً وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015