ومنهم من يحكي عن أهل السُّنَّةِ التَّفريقَ بينهما (?) ، كأبي بكر بن السَّمعانيِّ وغيره، وقد نُقِلَ التفريقُ بينهما عَنْ كثيرٍ من السَّلَفِ، منهم: قتادةُ، وداودُ بنُ أبي هند، وأبو جعفر الباقر، والزُّهريُّ، وحمادُ بن زيد، وابن مهديٍّ، وشريكٌ، وابنُ أبي ذئب، وأحمد بن حَنْبل، وأبو خيثمة، ويحيى بنُ معينٍ، وغيرهم،

على اختلافٍ بينَهم في صفة التَّفريق بينَهُما، وكان الحسنُ وابنُ سيرين يقولان

: ((مسلمٌ)) ويهابان ((مُؤمنٌ)) (?) .

وبهذا التَّفصيل الذي ذكرناهُ يزولُ الاختلافُ، فيُقالُ: إذا أُفردَ كلٌّ مِنَ الإسلامِ والإيمانِ بالذِّكرِ فلا فرقَ بينهما حينئذٍ، وإنْ قُرِنَ بين الاسمينِ، كان بينَهما فَرقٌ (?) .

والتَّحقيق في الفرق بينهما: أنَّ الإيمانَ هو تصديقُ القلبِ، وإقرارُهُ، ومعرفته، والإسلامُ: هو استسلامُ العبدِ للهِ، وخُضُوعُه، وانقيادهُ له، وذلك يكونُ بالعملِ، وهو الدِّينُ، كما سمَّى الله تعالى في كتابِه الإسلامَ ديناً (?) ، وفي حديث جبريل سمَّى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الإسلامَ والإيمانَ والإحسان ديناً، وهذا أيضاً ممّا يدلُّ على أنَّ أحدَ الاسمين إذا أُفردَ دَخلَ فيه الآخرُ، وإنّما يفرَّقُ بينهما حيثُ قُرِنَ أحدُ الاسمين بالآخر، فيكونُ حينئذٍ المرادُ بالإيمانِ: جنسَ تصديقِ القلبِ، وبالإسلامِ جنسَ العمل (?) .

وفي " مسند الإمام أحمد " (?) عَنْ أنسٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((الإسلامُ علانِيَةٌ، والإيمانُ في القلبِ)) . وهذا لأنّ الأعمالَ تظهرُ علانيةً، والتَّصديقُ في القلب لا يظهرُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015