وقال عمرو بن قيس: ينبغي لصاحب الحديث أنْ يكونَ مثل الصيرفيّ الذي ينتقد الدراهم، فإنَّ الدراهم فيها الزائفَ والبَهْرَجَ وكذلك الحديث (?) .
وقال الأوزاعي: كنا نسمع الحديث فنَعرِضُهُ على أصحابنا كما نَعرِضُ الدرهم الزَّائف على الصيارفة، فما عرفوا أخذنا، وما أنكروا تركنا (?) .
وقيل لعبد الرحمان بن مهدي: إنَّك تقولُ للشيء: هذا صحيح وهذا لم
يثبت، فعن من تقولُ ذلك؟ فقال: أرأيتَ لو أتيتَ الناقد فأريتَه دراهمك، فقال: هذا جيد، وهذا بهرَجٌ أكنت تسأله عن من ذلك، أو كنت تسلم الأمر إليه؟ قال: لا، بل كنت أسلمُ الأمر إليه، قال: فهذا كذلك لطول المجالسة والمناظرة والخُبْرة به (?) .
وقد روي نحو هذا المعنى عن الإمام أحمد أيضاً، وأنَّه قيل له: يا أبا عبد الله تقولُ: هذا الحديث منكر، فكيف علمتَ ولم تكتب الحديث كلَّه؟ قال: مثلنا كمثل ناقدِ العين لم تقع بيده العَيْنُ كلُّها، وإذا وقع بيده الدينارُ يعلم أنَّه جيدٌ، وأنَّه رديء.
وقال ابنُ مهدي: معرفة الحديث إلهام (?) . وقال: إنكارُنا الحديث عند الجهال كهانةٌ (?) .
وقال أبو حاتم الرازي (?) : مَثَلُ معرفة الحديث كمثل فصٍّ ثمنه مئة دينار، وآخر مثله على لونه، ثمنُه عشرة دراهم، قال: وكما لا يتهيأ للناقدِ أنْ يُخبر بسبب نقده، فكذلك نحن رُزقنا علماً لا يتهيأُ لنا أنْ نُخبِر كيف علمنا بأنَّ هذا حديثٌ كذِبٌ، وأنَّ هذا حديثٌ مُنكرٌ إلا بما نعرفه، قال: وتُعرَفُ جودةُ الدينارِ بالقياسِ إلى غيره، فإنْ تخلف عنه في الحمرة