الدرجة الثانية من الشكر: الشكر المستحبُّ، وهو أنْ يعملَ العبدُ بعد أداءِ الفرائض، واجتنابِ المحارم بنوافل الطَّاعات، وهذه درجةُ السَّابقين المقرَّبين، وهي التي أرشد إليها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحاديث التي سبق ذكرُها، وكذلك كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في الصَّلاة، ويقوم حتَّى تتفطَّر قدماه، فإذا قيل له: أتفعلُ هذا وقد غَفَرَ الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: ((أفلا أكونُ عبداً شكوراً؟)) (?) .

وقال بعضُ السَّلف: لما قال الله - عز وجل -: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً} (?) ، لم يأتِ عليهم ساعةٌ من ليلٍ أو نهارٍ إلاَّ وفيهم مصلٍّ يُصلي (?) .

وهذا مع أنَّ بعضَ هذه الأعمال التي ذكرها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - واجبٌ: إمَّا على الأعيان، كالمشي إلى الصلاة عندَ من يرى وجوبَ الصَّلاة في الجماعات في المساجد، وإما على الكفاية، كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وإغاثة الملهوف، والعدلِ بينَ الناسِ، إمَّا في الحكم بينهم، أو في الإصلاح. وقد روي من حديث عبد الله بن عمرو، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((أفضلُ الصَّدقةِ إصلاحُ ذات البين)) (?) .

وهذه الأنواع التي أشار إليها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الصدقة، منها ما نفعُهُ متعدٍّ

كالإصلاح، وإعانةِ الرَّجُلِ على دابته يحمله عليها أو يرفع متاعه عليها، والكلمة الطيبة، ويدخل فيها السلام، وتشميتُ العاطس، وإزالة الأذى عن الطَّريق، والأمر بالمعروف، والنَّهيُ عن المنكرِ، ودفنُ النُّخامة في المسجد، وإعانة ذي الحاجة الملهوف، وإسماع الأصمّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015