وقد تقدَّم في حديث أبي موسى (?) المخرَّج في " الصحيحين ": ((فإنْ لم يفعل، فليمسك عَنِ الشَّرِّ، فإنَّه له صدقة)) . وهذا يدلُّ على أنَّه يكفيه أنْ لا يفعل شيئاً من الشرِّ، وإنَّما يكون مجتنباً للشرِّ إذا قام بالفرائض، واجتنبَ المحارمَ، فإنَّ أعظمَ الشرِّ تركُ الفرائض، ومن هنا قال بعضُ السَّلف: الشُّكرُ ترك المعاصي (?) . وقال بعضهم: الشُّكرُ أنْ لا يُستعانَ بشيءٍ مِنَ النِّعَمِ على معصية (?) .

وذكر أبو حازمٍ الزاهد شُكْرَ الجوارح كُلِّها، وأنْ تُكفَّ عن المعاصي وتُستعمل في الطاعات، ثم قال: وأمَّا من شكر بلسانه، ولم يشكر بجميع أعضائه، فمثله كمثل رجل له كِساءٌ، فأخذ بطرفه، فلم يلبسه، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر (?) .

وقال عبد الرحمان بن زيد بن أسلم: لينظر العبدُ في نعم الله عليه في بدنه وسمعه وبصرِه ويديه ورجليه وغير ذلك، ليس من هذا شيءٌ إلاَّ وفيه نعمةٌ من الله - عز وجل -، حقٌّ على العبد أنْ يعملَ بالنِّعم التي في بدنه لله - عز وجل - في طاعته، ونعمة أخرى في الرزق، حق عليه أنْ يعمل لله - عز وجل - فيما أنعم عليه مِنَ الرِّزق في طاعته، فمن عمل بهذا، كان قد أخذ بحزم الشُّكر وأصله وفرعه (?) . ورأى الحسن رجلاً يتبختر في مشيته، فقال: للهِ في كُلِّ عُضوٍ منه نعمة، اللهمَّ لا تجعلنا ممن يتقوَّى بنعمك على معصيتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015