وقال عليٌّ - رضي الله عنه -: لا يرجونَّ عبدٌ إلا ربه، ولا يخافنَّ إلا ذنبه (?) ، فالله سبحانه إذا أراد توفيقَ عبد وهدايته أعانه، ووفَّقه لطاعته، فكان ذلك فضلاً منه، وإذا أراد خِذلانَ عبدٍ، وكلَهُ إلى نفسه، وخلَّى بينَه وبينَها، فأغواهُ الشيطانُ لغفلته عن ذكرِ الله، واتَّبع هواه، وكان أمره فُرُطاً، وكان ذلك عدلاً منه، فإنَّ الحجَّةَ قائمةٌ على العبدِ بإنزالِ الكتاب، وإرسال الرسول، فما بقي لأحدٍ مِنَ النَّاس (?) على الله حجةٌ بعد الرُّسُلِ.
فقوله بعد هذا: ((فمن وجد خيراً، فليحمدِ الله، ومن وجدَ غيرَ ذلك،
فلا يلومنَّ إلاَّ نفسَه)) إنْ كان المرادُ: مَنْ وجدَ ذلك في الدُّنيا، فإنَّه يكونُ
حينئذٍ مأموراً بالحمد لله على ما وجده من جزاءِ الأعمال الصالحة الذي عجل
له في الدُّنيا كما قال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (?) ،
ويكون مأموراً بلوم نفسه على ما فَعَلَتْ من الذُّنوب التي وجد عاقبتها في الدنيا، كما قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (?) ، فالمؤمن إذا أصابه في الدُّنيا بلاءٌ، رجع على نفسه باللوم،
ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار،