نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً} (?) ، وقوله: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَميعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا
أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} (?) .
وقوله: ((ثم أُوَفِّيكُم إيَّاها)) الظاهرُ أنَّ المرادَ توفيتُها يوم القيامة كما قال تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (?) ، ويحتمل أنَّ المرادَ: أنَّه يوفي عبادَه جزاءَ أعمالِهم في الدُّنيا والآخرة كما في قوله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً ... يُجْزَ بِهِ} (?) . وقد رُوي عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه فسّر ذلك بأنَّ المؤمنين يُجازَوْن بسيِّئاتهم في الدُّنيا، وتدخر لهم حسناتُهم في الآخرة، فيوفَّوْن أجورها (?) . وأما الكافر فإنَّه يعجل له في الدنيا ثواب حسناته، وتُدَّخر له سيئاته، فيعاقب بها في الآخرة. وتوفية الأعمال هي توفية جزائها من خيرٍ أو شرٍ، فالشرُّ يُجازى به مثلَه من غير زيادةٍ، إلاَّ أنْ يعفوَ الله عنه، والخيرُ تُضاعف الحسنة منه بعشر أمثالها إلى سبعِ مئةِ ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ لا يعلم قدرها إلا الله (?) ، كما قال - عز وجل -: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (?) .
وقوله: ((فمن وجد خيراً، فليحمَدِ الله، ومن وجدَ غير ذلك، فلا يلومنَّ إلا نفسه)) إشارةٌ إلى أنَّ الخيرَ كلَّه من الله فضلٌ منه على عبدِه، من غير استحقاقٍ له، والشرُّ كلُّه من عند ابنِ آدم من اتَّباع هوى نفسه، كما قال - عز وجل -: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (?) ،