بين الكفرِ والإسلام، وهي أيضاً أوَّل ما يُحاسَبُ به المرءُ يومَ القيامةِ، فإنْ تمَّت صلاتُه، فقد أفلح وأنجح، وقد سبق حديث عبد الله بن عمرو فيمن حافظ عليها أنَّها تكونُ له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة (?) .

وأمَّا الصبرُ، فإنَّه ضياء، والضياءُ: هو النُّورُ الذي يحصلُ فيه نوعُ حرارةٍ وإحراقٍ كضياء الشمس بخلاف القمر، فإنَّه نورٌ محضٌ، فيه إشراقٌ بغير إحراقٍ، قال الله - عز وجل -: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً} (?) ومِن هُنا وصف الله شريعةَ موسى بأنَّها ضياءٌ، كما قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} (?) وإنْ كان قد ذكر أنَّ في التوراة نوراً كما قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ} (?) ، ولكن الغالب على شريعتهم الضياءُ لما فيها مِنَ الآصار والأغلال والأثقال.

ووصف شريعةَ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّها نورٌ لما فيها من الحَنيفيَّةِ السمحة، قال تعالى:

{قَدْ جَاءكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (?) وقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (?) .

ولما كان الصبر شاقَّاً على النفوس، يحتاجُ إلى مجاهدةِ النفس وحبسِها، وكفِّها عمَّا تهواهُ، كان ضياءً، فإنَّ معنى الصَّبر في اللغة: الحبسُ، ومنه قَتْلُ الصبر: وهو أنْ يُحبَسَ الرَّجلُ حتى يقتل (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015