نارُ جهنَّم تنطفىء بنور إيمان الموحدين، كما في الحديث المشهور: ((تقول النار للمؤمن: جُزْ يا مؤمنُ، فقد أطفأ نورُك لهبي)) (?) .
وفي " مسند الإمام أحمد " (?) عن جابرٍ، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يبقى برٌّ
ولا فاجر إلاّ دخلها، فتكونُ على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم،
حتى أنَّ للنار ضجيجاً من بردهم)) .
فهذا ميراثٌ وَرِثَه المؤمنون من حال إبراهيم - عليه السلام -، فنارُ المحبة في قلوب المؤمنين تخافُ منها نارُ جهنم. قال الجنيد: قالت النار: يا ربِّ، لو لم أُطِعك، هل كنت تُعذِّبني بشيءٍ هو أشدُّ مني؟ قالَ: نعم، كنتُ أسلط عليك نارِي الكبرى، قالت: وهل نارٌ أعظم مني وأشدُّ؟ قال: نعم، نار محبتي أسكنتُها قلوبَ أوليائي المؤمنين. وفي هذا يقول بعضهم:
ففي فؤادِ المُحِبِّ نارُ هوى ... أحرُّ نارِ الجحيم أبردُهَا
ويشهد لهذا المعنى حديثُ معاذ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ كان آخِرَ كلامِهِ لا إله إلا الله، دخل الجنَّة)) (?) ، فإنَّ المحتضرَ لا يكادُ يقولُها إلاَّ بإخلاصٍ، وتوبةٍ، وندمٍ على ما مضى، وعزم على أنْ لا يعودَ إلى مثله، ورجح هذا القولَ الخطابيُّ في مصنَّفٍ له مفرد في التوحيد، وهو حسن.