شيءٌ مِنْ ذلك، كان ذلك نقصاً في التوحيد، وهو مِنْ نوع الشِّرك الخفيِّ. ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} (?) قال: لا تحبُّوا غيري.
وفي " صحيح الحاكم " (?) عن عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((الشِّركُ أخفى من دبيب الذَّرِّ على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، وأدناه أنْ تُحِبَّ على شيءٍ مِنَ الجَوْرِ، وتُبغِضَ على شيءٍ مِنَ العدل، وهل الدِّينُ إلا الحبّ والبغض؟ قال الله - عز وجل -: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} (?) . وهذا نصٌّ في أنَّ محبةَ ما يكرهه الله، وبغضَ ما يُحبه متابعةٌ للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفيّ.
وخرَّج ابن أبي الدُّنيا من حديث أنس مرفوعاً: ((لا تزالُ لا إله إلا الله
تمنعُ العبادَ مِنْ سخط الله، ما لم يُؤْثِروا دُنياهم على صَفقةِ دينهم، فإذا آثرُوا
صفقةَ دُنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله رُدَّتْ عليهم، وقال الله:
كذبتم)) (?) .
فتبيَّن بهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من شهد أنْ لا إله إلا الله صادقاً من قلبه حرَّمه الله على النار)) ، وأنَّ من دخل النارَ من أهل هذه الكلمة، فَلِقِلَّةِ صدقه في قولها، فإنَّ هذه الكلمة إذا صدقت، طهَّرت من القلب كلَّ ما سوى الله، فمن صدق في قوله: لا إله إلا الله، لم يُحبَّ سواه، ولم يَرْجُ إلاَّ إيَّاه، ولم يخشَ أحداً إلاَّ الله، ولم يتوكَّل إلاَّ على الله، ولم تبقَ له بقيَّةٌ من آثار نفسه وهواه، ومتى بقي في القلب أثرٌ لسوى الله، فمن قلَّة الصدق في قولها.