للصغائر.

وأما الأعمال التي تُغفر بها الذنوبُ، فهي ما عدا ذلك، ويجتمع فيها المغفرةُ والثوابُ عليها، كالذكر الذي يُكتب به الحسنات، ويُمحى به السيئات، وعلى هذا الوجه فَيُفرَّقُ بين الكفارات من الأعمال وغيرها، وأما تكفيرُ الذنوب ومغفرتها إذا أُضيف ذلك إلى الله، فلا فرق بينهما، وعلى الوجه الأوَّل يكونُ بينهما فرق أيضاً.

ويشهد لهذا الوجه الثاني أمران:

أحدهما: قولُ ابن عمر لمَّا أعتق العبد الذي ضربه: ليس لي في عتقه مِنْ الأجر شيء، واستدلَّ بأنَّه كفارة.

والثاني: أنَّ المصائب الدنيوية كُلَّها مكفراتٌ للذنوب، وقد قال كثير مِنَ الصحابة وغيرهم مِنَ السَّلف: إنَّه لا ثواب فيها مع التكفير، وإنْ كان بعضهم قد خالف في ذلك، ولا يقال: فقد فسر الكفارات في حديث المنامِ بإسباغ الوضوء في المكروهات، ونقلِ الأقدامِ إلى الصلوات (?) ، وقال: مَنْ فعل ذلك عاش بخير، وماتَ بخير، وكان من خطيئته كيومَ ولدته أمه.

وهذه كلها مع تكفيرها للسيئات ترفعُ الدرجات، ويحصل عليها الثوابُ، لأنَّا نقول: قد يجتمع في العمل الواحد شيئانِ يُرفعُ بأحدهما الدرجات، ويُكفر بالآخر السيئات، فالوضوء نفسه يُثاب عليه، لكن إسباغَه في شدَّة البردِ من جنس الآلام التي تحصل للنفوس في الدنيا، فيكون كفارةً في هذه الحال، وأما في غير هذه الحالة، فتغفر به الخطايا، كما تغفر بالذكر وغيره، وكذلك المشي إلى الجماعات هو قُربةٌ وطاعةٌ، ويُثاب عليه، ولكن ما يحصل للنفس به مِنَ المشقة والألم بالتعب والنصب هو كفارة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015