وقال مكحول والإمام أحمد: بِرُّ الوالدين كفارةٌ للكبائر. وروي عن بعض السَّلف في حمل الجنائز أنَّه يَحطُّ الكبائر، وروي مرفوعاً من وجوهٍ لا تَصِحُّ.

وقد صحَّ من رواية أبي بُردة أنَّ أبا موسى لما حضرته الوفاةُ قال: يا بَنِيَّ، اذكروا صاحبَ الرَّغيف: كان رجلٌ يتعبَّدُ في صومعةٍ أُراه سبعينَ سنة، فشبَّه الشيطانُ في عينه امرأةً، فكان معها سبعةَ أيامٍ وسبعَ ليالٍ، ثم كُشِفَ عن الرجل غطاؤه، فخرج تائباً، ثمَّ ذكر أنَّه باتَ بين مساكين، فتُصُدِّقَ عليهم برغيف رغيف، فأعطوه رغيفاً، ففقده صاحبُه الذي كان يُعطاه، فلمَّا علم بذلك، أعطاه الرغيفَ وأصبح ميتاً، فوُزِنَتِ السَّبعونَ سنة بالسَّبع ليال، فرجحت الليالي، ووُزِنَ الرَّغيفُ بالسَّبع اللَّيال، فرجح الرغيف (?) .

وروى ابنُ المبارك بإسناده في كتاب " البر والصلة " عن ابن مسعود،

قال: عبَدَ اللهَ رجلٌ سبعين سنةً، ثم أصابَ فاحشةً، فأحبطَ الله عملَه، ثم

أصابته زَمَانةٌ وأُقْعِدَ، فرأى رجلاً يتصدَّقُ على مساكين، فجاء إليه، فأخذ

منه رغيفاً، فتصدَّقَ به على مسكينٍ، فغفرَ الله له، وردَّ عليه عملَ سبعين

سنة.

وهذه كلُّها لا دِلالةَ فيها على تكفير الكبائر بمجرَّد العمل؛ لأنَّ كلَّ من ذكر فيها كان نادماً تائباً من ذنبه، وإنَّما كان سؤاله عن عملٍ صالح يتقرَّب به إلى الله بعد التوبة حتّى يمحوَ به أثَرَ الذنب بالكلية، فإنَّ الله (?) شرط في قبول التوبة ومغفرةِ الذنوب بها العملَ الصالح، كقوله: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} (?) ، وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} (?) ، وقوله: {فَأَمَّا

مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} (?) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015