فالسعيدُ مَنْ أصلح ما بينَه وبينَ الله (?) ، فإنَّه من أصلح ما بينه وبينَ الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق، ومن التمس محامدَ الناسِ بسخط الله، عاد حامده من النَّاس له ذاماً.

قال أبو سليمان: الخاسرُ من أبدى للناس صالح عمله، وبارز بالقبيح من هو أقربُ إليه من حبل الوريد.

ومِنْ أعجب ما رُوي في هذا ما رُوي عن أبي جعفر السائح قال: كان حبيبٌ أبو محمد تاجراً يَكْرِي الدراهمَ، فمرَّ ذات يوم، فإذا هو بصبيان يلعبون، فقال بعضهم لبعض: قد جاء آكِلُ الربا، فنكس رأسه، وقال: يا ربِّ، أفشيت سرِّي إلى الصبيان، فرجع فجمع ماله كُلَّه، وقال: يا ربِّ إنِّي أسيرٌ، وإني قد اشتريتُ نفسي منك بهذا المال فاعتقني، فلما أصبح، تصدَّق بالمال كلّه وأخذ في العبادة، ثم مرَّ ذات يوم بأولئك الصبيان، فلما رأوه قال بعضهم لبعض (?) : اسكتوا فقد

جاء حبيبٌ العابد، فبكى وقال: يا ربّ أنتَ تذمّ مرَّةً وتحمد مرَّةً، وكله من

عندك.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وأتْبِع السَّيِّئة الحَسنَة تَمحُها)) لما كان العبدُ مأموراً بالتقوى

في السرِّ والعلانية مع أنَّه لابُدَّ أنْ يقع منه أحياناً تفريط في التقوى، إما بترك

بعض المأمورات، أو بارتكاب بعض المحظورات، فأمره أنْ يفعل (?) ما يمحو به

هذه السيئة وهو أنْ يتبعها بالحسنة، قال الله - عز وجل -: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ

النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى

لِلذَّاكِرِينَ} (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015