وقال مجاهد: ما جلس قومٌ مجلساً، فتفرَّقوا قبل أنْ يذكُرُوا الله، إلا تفرَّقوا عن أنتنِ من ريح الجيفة، وكان مجلسُهم يَشهدُ عليهم بغفلتهم، وما جلس قومٌ مجلساً، فذكروا الله قبل أنْ يتفرَّقوا، إلاَّ تفرَّقوا عن أطيب من ريحِ المسك، وكان مجلسهم يشهدُ لهم بذكرهم.

وقال بعضُ السَّلف: يعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعاتُ عمره، فكلُّ ساعة تمرُّ بابنِ آدمَ (?) لم يذكر الله فيها تتقطَّعُ نفسه عليها (?) حسراتٍ.

وخرَّجه الطبراني (?) من حديث عائشة مرفوعاً: ((ما مِنْ ساعة تمرُّ بابن آدم لم

يذكرِ الله فيها بخيرٍ، إلا حسرَ عندَها يومَ القيامةِ)) .

فمن هنا يعلم أنَّ ما ليس بخيرٍ مِنَ الكلامِ، فالسُّكوتُ عنه أفضلُ من التكلم به، اللَّهمَّ إلا ما تدعو إليه الحاجةُ مما لابدَّ منه. وقد روي عن ابن مسعود قال: إيَّاكم وفضولَ الكلام، حسبُ امرئ ما بلغ حاجته (?) ، وعن النَّخعي قال: يَهلِكُ الناسُ في فضول المال والكلام.

وأيضاً فإنَّ الإكثارَ من الكلام الذي لا حاجة إليه يوجبُ قساوةَ القلب كما في " الترمذي " (?) من حديث ابن عمر مرفوعاً: ((لا تُكثِرُوا الكلامَ بغيرِ ذكر الله، فإنَّ كثرةَ الكلامِ بغيرِ ذكرِ الله يُقسِّي القلب، وإنَّ أبعدَ الناس عن الله القلبُ

القاسي)) .

وقال عمر: مَنْ كَثُرَ كلامُه، كَثُرَ سَقَطُهُ، ومَنْ كَثُرَ سَقَطُه، كَثُرَتْ ذُنوبهُ، ومَن كَثُرَتْ ذنوبُه، كانت النارُ أولى به (?) . وخرَّجه العقيلي من حديث ابن عمر مرفوعاً بإسنادٍ ضعيفٍ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015