وأمَّا المرتدُّ، فإنَّما قُتِلَ لوصفٍ قائمٍ به في الحال، وهو تركُ دينه ومفارقةُ الجماعة، فإذا عاد إلى دينِهِ، وإلى موافقته الجماعة، فالوصف الذي أُبيح به دمُه قدِ انتفى، فتزولُ إباحةُ دمِهِ، والله أعلم (?) .
فإنْ قيل: فقد خرَّج النَّسائي (?) من حديث عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يَحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ إلاَّ بإحدى ثلاث خصالٍ: زانٍ محصن يُرجَمُ، ورَجُلٍ قتل متعمداً فيُقتل، ورجلٍ يخرجُ من الإسلام فحارب الله ورسوله فيقتل، أو يُصلب، أو يُنفى من الأرض)) . وهذا يدلُّ على أنَّ المرادَ من جمع بين الردَّة والمحاربة.
قيل: قد خرَّج أبو داود (?)
حديث عائشة بلفظ آخر، وهو أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يحلُّ دَمُ امرئٍ مسلمٍ يشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله إلا في إحدى (?) ثلاث: [رجل] (?) زنى بعد إحصانٍ فإنَّه يُرجم، ورجل خرج محارباً لله ورسوله فإنَّه يقتل أو يُصلب أو يُنفى من الأرض، أو يقتل نفساً فيقتل بها)) .
وهذا يدلُّ على أنَّ مَنْ وُجِدَ منه الحِراب من المسلمين، خُيِّرَ الإمامُ فيه مطلقاً، كما يقوله علماءُ أهلِ المدينة مالك وغيره (?) ، والرواية الأولى قد تُحمل على أنَّ المرادَ بخروجه عن الإسلام خروجُه عن أحكام الإسلام (?) ، وقد تُحمل على ظاهرها، ويستدلُّ بذلك مَنْ يقول: إنَّ آيةَ (?) المحاربة تختصُّ بالمرتدين (?) ،
فمن ارتدَّ وحارب