وفي " صحيح البخاري " (?)
عن ابن عباس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من بدَّل دينَهُ فاقتلوه)) .
ولا فرق في هذا بين الرجلِ والمرأة عندَ أكثر العلماء (?) ، ومنهم من قال: لا
تُقتل المرأةُ إذا ارتدَّت كما لا تُقتل نساء أهلِ دارِ (?) الحربِ في الحرب، وإنَّما تُقتل رجالُهم، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه (?) ، وجعلوا الكفر الطارئ كالأصلي، والجمهور فرَّقوا بينهما، وجعلوا الطارئ أغلظ من الأصلي (?) لما سبقه من الإسلام، ولهذا يقتل بالرِّدَّة عنه من لا يقتل من أهل الحرب، كالشَّيخ الفاني والزَّمِن (?) والأعمى، ولا يُقتلون في الحرب (?) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((التارك لدينه المفارق للجماعة (?)) ) يدلُّ على أنَّه لو تاب ورجع إلى الإسلام لم يقتل؛ لأنَّه ليس بتاركٍ لدينه بعد رجوعه، ولا مفارقٍ للجماعة (?) .
فإنَّ قيل: بل استثناء هذا ممَّن يعصم دَمُه من أهل الشهادتين يدلُّ على أنَّه يقتل ولو كان مقراً بالشهادتين، كما يقتل الزاني المُحصَن، وقاتل النفس، وهذا يدلُّ على أنَّ المرتدَّ لا تُقبل توبتُه (?) ، كما حُكي عن الحسن، أو أنْ يحمل ذلك على منِ ارتدَّ ممَّن وُلِدَ على الإسلام، فإنَّه لا تُقبل توبتُه (?) ، وإنَّما تقبل توبةُ مَنْ كانَ كافراً، ثم أسلم، ثم ارتدَّ على قول طائفةٍ من العلماء، منهم: الليثُ بنُ سعدٍ، وأحمد في رواية عنه، وإسحاق. قيل: إنَّما استثناه من المسلمين باعتبار ما كان عليه قبْلَ مفارقة دينه كما سبق تقريره، وليس هذا كالثيبِ الزَّاني، وقاتل النفس؛ لأنَّ قتلَهُما وَجب عقوبةً لجريمتهما الماضية، ولا يُمكن تلافي ذلك (?) .