وهذا محمولٌ على الإسلام الكامل الحسن جمعاً بينه وبين حديث ابن مسعودٍ الذي قبله.
وفي " صحيح مسلم " (?) أيضا عن حكيم بن حزامِ قال: قلتُ: يا رسول الله
أرأيتَ (?) أموراً كنت أصنعها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم، أفيها أجرٌ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَسْلَمْتَ على ما أَسْلَفْتَ من خيرٍ)) وفي رواية له: قال: فقلتُ: والله لا أدعُ شيئا صنعتُه في الجاهلية إلا صنعتُ في الإسلام مثله، وهذا يدلّ على أنَّ حسنات الكافر إذا أسلم يُثابُ عليها كما دلَّ عليه حديث أبي سعيد المتقدِّم.
وقد قيل: إنَّ سيئاته في الشرك تبدَّل حسنات، ويُثابُ عليها أخذاً من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (?) ، وقد اختلف المفسرون في هذا التبديل على قولين:
فمنهم مَنْ قال: هو في الدنيا بمعنى أنَّ الله يُبَدِّلُ من أسلم وتاب إليه بَدَلَ ما كان عليه من الكفر والمعاصي: الإيمان والأعمال الصالحة، وحكى هذا القول إبراهيم الحربي في " غريب الحديث " عن أكثر المفسرين، وسمى منهم: ابنَ عباس، وعطاء، وقتادة، والسُّدي، وعِكرمة، قلت: وهو المشهورُ عن الحسن.