وكان يُنكِرُه على من لم يَصِلْ (?) إلى هذا المقام، بل يتسامحُ في المكروهات الظاهرة، ويقدم على الشبهات من غير توقف.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإنَّ الخيرَ طُمأنينة وإنَّ الشرَّ ريبة)) (?) يعني: أنَّ الخيرَ تطمئنُّ به
القلوبُ، والشرَّ ترتابُ به، ولا تطمئنُّ إليه، وفي هذا إشارة إلى الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه، وسيأتي مزيدٌ لهذا الكلام على حديث النَّواس بن سمعان إنْ شاء الله تعالى (?) .
وخرَّج ابنُ جرير بإسناده عن قتادة، عن بشير بن كعب: أنَّه قرأ هذه الآية:
{فامشُوا في منَاكبِها} (?) ثم قال لجاريته: إنْ دَرَيْتِ ما مناكِبُها، فأنت حُرَّةٌ لوجه الله، قالت: مناكبُها: جبالُها، فكأنَّما سُفِعَ في وجهه، ورغب في جاريته، فسألهم، فمنهم من أمره، ومنهم من نهاه، فسأل أبا الدرداء، فقال: الخيرُ طمأنينة والشر ريبة، فذَرْ ما يريبك إلى ما لا يريبك (?) .
وقوله في الرواية الأخرى: ((إنَّ الصدقَ طمأنينةٌ، وإنَّ الكذبَ ريبةٌ)) يشير إلى أنَّه لا ينبغي الاعتمادُ على قول كلِّ قائلٍ كما قال في حديث وابصة: ((وإنْ أفتاك الناسُ وأفتوكَ)) (?) وإنَّما يُعْتَمَدُ على قولِ مَنْ يقول الصدقَ،