فإنْ كان المراد هاهنا القبولَ بالمعنى الأوَّل أو الثاني لم يمنع ذلك من سقوط الفرض به من الذمة (?) ، كما ورد أنَّه لا تقبل صلاة الآبق، ولا المرأة التي زوجها عليها ساخطٌ، ولا من أتى كاهناً، ولا من شرب الخمر أربعين يوماً، والمراد - والله أعلم - نفي القبول بالمعنى الأوَّل أو الثاني، وهو المراد - والله أعلم - من قوله - عز وجل -: {إنَّما يَتقبَّلُ الله من المتَّقين} (?) . ولهذا كانت هذه الآية يشتدُّ منها خوفُ السَّلف على نفوسهم، فخافوا أنْ لا يكونوا من المتَّقين الذين يُتقبل منهم.
وسُئل أحمد عن معنى ((المتقين)) فيها، فقال: يتقي الأشياء، فلا يقع فيما لا يَحِلُّ له.
وقال أبو عبد الله الناجي (?) الزاهد رحمه الله: خمسُ خصال بها تمامُ العمل: الإيمان بمعرفة الله - عز وجل - (?) ، ومعرفةُ الحقِّ، وإخلاصُ العمل للهِ، والعمل على السُّنَّةِ، وأكلُ الحلالِ، فإن فُقدَتْ واحدةٌ، لم يرتفع العملُ، وذلك أنَّك إذا عرَفت الله - عز وجل -، ولم تَعرف الحقَّ، لم تنتفع، وإذا عرفتَ الحقَّ، ولم تَعْرِفِ الله، لم تنتفع، وإنْ عرفتَ الله، وعرفت الحقَّ، ولم تُخْلِصِ العمل، لم تنتفع، وإنْ عرفت الله، وعرفت الحقَّ (?) ، وأخلصت العمل، ولم يكن على السُّنة، لم تنتفع، وإنْ تمَّتِ الأربع، ولم يكن الأكلُ من حلال لم تنتفع (?) .