وكان عامةُ كلام ابن سيرين: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده.

وكان المغيرة بنُ حكيم الصنعاني إذا هدأت العيون، نزل إلى البحر، وقام في الماء يذكر الله مع دوابِّ البحر (?) .

نام بعضُهم عند إبراهيم بن أدهم قال: فكنتُ كلَّما استيقظتُ من الليل، وجدتُه يذكر الله، فأغتمّ، ثم أُعزِّي نفسي بهذه الآية: {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} (?) .

المحبُّ اسم محبوبه لا يغيبُ عن قلبه، فلو كُلّف أنْ ينسى تذكُّره لما قدر، ولو كلف أنْ يكفّ عن ذكره بلسانه لما صبر.

كَيْفَ يَنسى المُحبُّ ذِكرَ حَبيبٍ ... اسمُه في فُؤاده مَكتوبُ

كان بلالٌ كلَّما عذَّبه المشركون في الرمضاء على التوحيد يقول: أحدٌ أحدٌ، فإذا قالوا له قل: اللات والعُزَّى، قال: لا أحسنه (?) .

يُراد مِنَ القَلبِ نِسيانُكُم ... وتَأْبَى الطِّباعُ على النَّاقِلِ

كلَّما قويت المعرفةُ، صار الذكرُ يجري على لسان الذاكر من غير كُلفة، حتى كان بعضهم يجري على لسانه في منامه: الله الله، ولهذا يُلهم أهلُ الجنة التَّسبيح، كما يُلهمون النفسَ، وتصيرُ ((لا إله إلا الله)) لهم، كالماء البارد لأهل الدنيا، كان الثوري ينشد:

لا لأَنِّي أَنساكَ أُكثرُ ذِكرا ... ك ولكنْ بِذاكَ يَجري لِساني

إذا سمِعَ المحبُّ ذكر اسم حبيبه من غيره زاد طربه، وتضاعف قَلَقُه، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعودٍ: ((اقرأ عليَّ القرآن)) ، قال: أقرأ عليكَ وعَلَيكَ أُنزل؟ قال:

((إنِّي أُحبُّ أنْ أسمعه من غيري)) (?) ،

فقرأ عليه، ففاضت عيناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015