وقلَّما وَلعَ المرءُ بذكر الله - عز وجل - إلا أفاد منه حبَّ الله. وكان بعضُ السَّلف يقول في مناجاته: إذا سئم البطالون من بطالتهم، فلنْ يسأم محبوك من مناجاتك

وذكرك.

قال أبو جعفر المحَوَّلي: وليُّ الله المحبُّ لله لا يخلو قلبُه من ذكر ربِّه، ولا يسأمُ من خدمته (?) . وقد ذكرنا قولَ عائشة: كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كلِّ

أحيانه (?) ، والمعنى: في حال قيامه ومشيه وقعوده واضطجاعه، وسواء كان على طهارةٍ أو على حدث.

وقال مِسعر: كانت دوابُّ البحر في البحر تَسكُنُ، ويوسفُ - عليه السلام - في السجن لا يسكن عن ذكر الله - عز وجل -.

وكان لأبي هريرة خيطٌ فيه ألفا عُقدة، فلا يُنام حتّى يُسبِّحَ به (?) .

وكان خالد بنُ معدان يُسبِّحُ كلَّ يوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من

القرآن، فلما مات وضع على سريره ليغسل، فجعل يُشير بأصبعه يُحركها

بالتسبيح (?) .

وقيل لعمير بن هانئ: ما نرى لسانَك يَفتُرُ، فكم تُسبِّحُ كلَّ يوم؟ قال: مئة ألف تسبيحة، إلا أنْ تُخطئ الأصابع، يعني أنَّه يَعُدُّ ذلك بأصابعه (?) .

وقال عبد العزيز بنُ أبي رَوَّاد: كانت عندنا امرأةٌ بمكة تُسبح كلّ يوم اثني عشرة ألف تسبيحة، فماتت، فلما بلغت القبر، اختُلِست من بين أيدي الرجال (?) .

كان الحسن البصري كثيراً ما يقول إذا لم يُحدث، ولم يكن له شغل: سبحان الله العظيم، فذكر ذلك لبعض فقهاء مكة، فقال: إنَّ صاحبكم لفقيه، ما قالها أحدٌ سبعَ مرَّاتٍ إلاّ بُني له بيتٌ في الجنَّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015