وخرَّجه الطبراني (?) من حديث عمرو بن أمية، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وروى الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن ابن عائذ (?) : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ التوكلَ بَعدَ الكَيْسِ)) (?) وهذا مرسل، ومعناه أنَّ الإنسان يأخذ بالكَيْس، والسعي في الأسباب المباحة، ويتوكَّلُ على الله بعد سعيه، وهذا كله إشارة إلى أنَّ التوكل لا يُنافي الإتيان بالأسباب بل قد يكون جمعهما أفضلَ. قال معاوية بن قرة: لقي عمرُ بن الخطَّاب ناساً من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكِّلون، قال: بل أنتم المتأكلون، إنَّما المتوكل الذي يُلقي حبَّه في الأرض، ويتوكَّل على الله - عز وجل - (?) .
قال الخلال: أخبرنا محمد بن أحمد بن منصور قال: سأل المازني بشرَ بنَ الحارث عن التوكل، فقال: المتوكل لا يتوكَّلُ على الله ليُكفى، ولو حلَّت هذه القصة في قلوب المتوكلة، لضجُّوا إلى الله بالندم والتوبة، ولكن المتوكل يَحُلُّ بقلبه الكفاية من الله تبارك وتعالى فيصدق الله - عز وجل - فيما ضمن. ومعنى هذا الكلام أنَّ المتوكل على الله حقَّ التوكل لا يأتي بالتوكل، ويجعله سبباً لحصول الكفاية له من الله بالرِّزق وغيره، فإنَّه لو فعل ذلك، لكان كمن أتى بسائر الأسباب لاستجلاب الرزق والكفاية بها، وهذا نوعُ نقص في تحقيق التوكُّل.
وإنَّما المتوكلُ حقيقة من يعلم أنَّ الله قد ضَمِنَ