على هذا غير أبي معاوية الأسود، قال: بل أويس القرني، وكان يمرُّ بالمزابل، فيلتقط الرِّقاع، قال: فصدَّقه أبو عبد الله، وقال: قد شدَّد على نفسه. ثم قال: قد جاءني البَقْلِيُّ ونحوه، فقلت لهم: لو تعرضتُم للعمل تُشهِرون أنفسَكم، قال: وإيشٍ نُبالي من الشُّهرة؟ (?)
وروى أحمدُ بنُ الحسين بن حسّان عن أحمد أنَّه سئل عن رجل يخرج إلى مكة بغير زادٍ، قال: إنْ كنتَ تُطيقُ وإلا فلا إلاّ بزادٍ وراحلةٍ، لا تُخاطر (?) . قال أبو بكر الخلال: يعني: إنْ أطاق وعلم أنَّه يقوى على ذلك، ولا يسأل، ولا تَستشرفُ نفسه لأنْ يأخذَ أو يُعطى فيقبل، فهو متوكل على الصدق، وقد أجاز العلماء التوكل على الصدق. قال: وقد حجَّ أبو عبد الله وكفاه في حجته أربعة عشر درهماً.
وسئل إسحاق بن راهويه: هل للرجل أنْ يدخل المفازة بغير زاد؟ فقال: إنْ كان الرجلُ مثل عبد الله بن منير، فله أنْ يدخل المفازة بغير زاد (?) ، وإلا لم يكن له أنْ يدخل، ومتى كان الرجل ضعيفاً، وخشي على نفسه أنْ لا يصبر، أو يتعرَّض للسؤال، أو أنْ يقعَ في الشَّكِّ والتسخُّط، لم يُجز له ترك الأسباب حينئذٍ، وأنكر عليه غايةَ الإنكار كما أنكر الإمامُ أحمد وغيره على من ترك الكسب وعلى من دخل المفازة بغير زادٍ، وخشي عليه التعرُّض للسؤال. وقد روي عن ابن عباس، قال: كان أهل اليمن يَحُجُّون ولا يتزوَّدون ويقولون: