وقال عمر: بين العبد وبين رِزقه حِجاب، فإن قنع ورضيت نفسه، آتاه

رزقُه، وإنِ اقتحم وهتك الحجاب، لم يزد فوقَ رزقه (?) .

وقال بعض السَّلف: توكل تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعب، ولا تَكَلُّف.

قال سالم بن أبي الجعد: حُدِّثْتُ أنَّ عيسى - عليه السلام - كان يقول: اعملوا للهِ ولا تعملوا لبطونكم، وإيَّاكم وفضولَ الدُّنيا، فإنَّ فضولَ الدُّنيا عند الله رجز، هذه طَيرُ السماء تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء، لا تحرث ولا تحصد الله يرزقها، فإنْ قلتُم: إنَّ بطوننا أعظم من بطون الطير، فهذه الوحوش من البقر والحمير وغيرها تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيءٌ لا تحرث ولا تحصد، الله

يرزقها (?) . خرَّجه ابن أبي الدُّنيا.

وخرّج بإسناده عن ابن عباس قال: كان عابدٌ يتعبد في غارٍ، فكان غرابٌ يأتيه كلَّ يوم برغيف يجد فيه طَعْمَ كلِّ شيءٍ حتى مات ذلك العابد (?) .

وعن سعيد بن عبد العزيز، عن بعض مشيخة دمشق، قال: أقامَ إلياسُ هارباً من قومه في جبل عشرين ليلة، - أو قال: أربعين - تأتيه الغربان برزقه.

وقال سفيان الثوري: قرأ واصلٌ الأحدب هذه الآية: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} (?) ، فقال: ألا إنَّ رزقي في السماء وأنا أطلبُه في الأرض؟ فدخل خَرِبَةً، فمكث ثلاثاً لا يُصيب شيئاً، فلمَّا كان اليومُ الرابع، إذ هو بدَوخَلةٍ من رُطَبٍ، وكان له أخٌ أحسن نيةً منه، فدخل معه، فصارتا دوخلتين، فلم يزل ذلك دأبهما (?) حتى فرق الموتُ بينهما (?) .

ومن هذا الباب من قَوِي توكُّله على الله ووثوقه به، فدخل المفاوزَ بغير زاد،

فإنَّه يجوزُ لمن هذه صفته دونَ من لم يبلغ هذه المنْزلة، وله في ذلك أسوة بإبراهيم الخليل - عليه السلام -، حيث ترك هاجرَ وابنها إسماعيل بوادٍ غير ذي زرعٍ، وترك عندهما جراباً فيه تمرٌ وسِقاءً فيه ماء، فلمَّا تبعته هاجر، وقالت له:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015