وقد وصف الله المنافقين بالمخادعة، وأحسن أبو العتاهية في قوله (?) :
لَيسَ دُنيا إلاّ بدينٍ وليسَ الدِّ ... ينُ إلاَّ مكارمَ الأخلاقِ
إنَّما المكر والخديعةُ في النَّا ... رِ هُما مِنْ خِصالِ أَهْلِ النِّفاق
ولما تقرَّر عند الصحابة - رضي الله عنهم - أنَّ النفاق هو اختلافُ السرِّ والعلانية خشي
بعضهم على نفسه أنْ يكونَ إذا تغير عليه حضورُ قلبه ورقتُه وخشوعه عندَ سماع
الذكر برجوعه إلى الدنيا والاشتغال بالأهل والأولاد والأموال أنْ يكونَ ذلك منه نفاقاً، كما في " صحيح مسلم " (?) عن حنظلة الأسيدي (?) أنَّه مرَّ بأبي بكر وهو يبكي، فقال: ما لك؟ قالَ: نافق حنظلةُ يا أبا بكر، نكون عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُذكِّرُنا بالجنة والنار كأنّا رأيُ عين، فإذا رجعنا، عافَسنا (?) الأزواج والضيعة (?) فنسينا كثيراً، قالَ أبو بكر: فوالله إنّا لكذلك، فانطلقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: ((ما لك يا حَنْظَلة؟)) قال: نافق حنظلة يا رسولَ الله، وذكر له مثلَ ما قال لأبي بكر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تَدُومونَ على الحال التي تقومون بها من
عندي، لصَافَحَتكُم الملائكة في مجالسكم وفي طُرُقِكم، ولكن يا حنظلة ساعةً وساعةً)) .