وهذا قد حكاه الله في القرآن عن المنافقين واليهود، فحكى عن المنافقين أنَّهم: {اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (?) ، وأنزل في اليهود: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (?) وهذه الآية نزلت في اليهود، سألهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن شيءٍ فكتموه، وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أنَّهم قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك، وفرِحُوا بما أُوتوا من كتمانهم وما سُئِلوا عنه، قال ذلك ابن عباس، وحديثُه مخرج في " الصحيحين " (?) .
وفيهما (?)
أيضاً عن أبي سعيد أنَّها نزلت في رجال من المنافقين كانوا إذا خرج النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلَّفوا عنه، وفَرِحُوا بمقعدهم خلافَه فإذا قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الغزو، اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبُّوا أنْ يُحمدوا بما لم يفعلوا.
وفي حديث ابن مسعود، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((مَنْ غَشَّنا، فَلَيسَ مِنّا، والمّكْرُ والخّديعةُ في النَّارِ)) (?) .