وقال
عبدُ الرحمان بنُ أبي ليلى: ما أُبالي ثمن كلب أكلت أو ثمنَ خنْزير (?) . وهؤلاء لهم مآخذ:
أحدها: أنَّه إنّما نُهي عن بيعها لنجاستها (?) ، وهؤلاء التزموا تحريمَ بيع كلِّ نجسِ العين، وهذا قولُ الشافعي، وابن جرير، ووافقهم جماعةٌ من أصحابنا، كابنِ عقيل في " نظرياته " وغيره، والتزموا أنَّ البغلَ والحمارَ إنَّما نجيز بيعهما إذا لم نقل بنجاستهما، وهذا مخالفٌ للإجماع.
والثاني: أنَّ الكلبَ لم يُبح الانتفاعُ به واقتناؤه مطلقاً كالبغل والحمار، وإنَّما أُبيحَ اقتناؤُه لحاجاتٍ مخصوصةٍ، وذلك لا يُبيح بيعه كما لا تبيحُ الضرورةُ إلى الميتة والدم بَيعَهُما، وهذا مأخذُ طائفةٍ من أصحابنا وغيرهم.
والثالث: أنَّه إنَّما نُهي عن بيعه لخسَّته ومهانته، فإنَّه لا قيمةَ له إلاَّ عند ذوي الشُّحِّ والمهانَةِ، وهو متيسِّرُ الوجودِ، فنُهي عن أخذ ثمنِه ترغيباً في المواساة بما يفضل منه عن الحاجة، وهذا مأخذُ الحسن البصري وغيره من السَّلف، وكذا قال بعضُ أصحابنا في النَّهي عن بيع السِّنَّورِ.
ورخَّصت طائفةٌ في بيع ما يُباح اقتناؤُه مِنَ الكلاب، ككلب الصَّيد، وهو قولُ عطاء والنَّخعي وأبي حنيفة وأصحابه، ورواية عن مالك، وقالوا: إنَّما نهي عن بيع ما يحرُمُ اقتناؤُه منها (?) . وروى حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب والسنور، إلا كلب صيد، خرَّجه النَّسائي (?) ، وقال: هو حديثٌ منكر، وقال أيضاً: ليس بصحيح،