ومن أصحابنا من خرَّج جوازَ بيعها على جواز الاستصباح بها وهو ضعيفٌ مخالفٌ لنصِّ أحمد بالتفرقة، فإنَّ شحومَ الميتة لا يجوزُ بيعُها وإنْ قيل بجواز الانتفاع بها، ومنهم من خرَّجه على القول بطهارتها بالغسل، فيكون - حينئذٍ - كالثوب المتمضّخ بنجاسة. وظاهر كلام أحمد منعُ بيعها مطلقاً؛ لأنَّه علل بأنَّ الدُّهنَ المتنجس فيهِ ميتة، والميتة
لا يُؤكل ثمنها (?) .
وأما بقية أجزاءِ الميتة، فما حُكِمَ بطهارته منها، جاز بيعُه، لجواز الانتفاع به، وهذا كالشَّعر والقَرنِ عندَ من يقول بطهارتهما، وكذلك الجلدُ عندَ من يرى أنَّه طاهر بغيرِ دباغ، كما حُكي عن الزهري، وتبويبُ البخاري يدلُّ عليهِ (?) ، واستدلَّ بقولِهِ: ((إنَّما حَرُم من الميتة أكلُها)) (?) . وأما الجمهور الذين يرون نجاسة الجلدِ قبل الدباغ، فأكثرهم منعوا من بيعه حينئذٍ؛ لأنَّه جزءٌ من الميتة (?) ، وشذَّ بعضهم، فأجاز بيعه كالثوب النجس، ولكن الثوب طاهر طرأت عليه النجاسةُ، وجلد الميتة جزءٌ منها، وهو نجسُ العين. وقال سالمُ بنُ عبد الله بن عمر: هل بيعُ جلودِ الميتة إلاَّ كأكل لحمها؟ وكرهه طاووس وعكرمة، وقال النخعي: كانوا يكرهون أنْ يبيعوها، فيأكلوا أثمانها.
وأما إذا دبغت، فمن قال بطهارتها بالدبغ، أجاز بيعها،