وقد اختلفَ الناسُ في تأويلِ قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((هو حرامٌ)) فقالت طائفة: أراد أنَّ هذا الانتفاعَ المذكور بشحوم الميتة حرام، وحينئذٍ فيكونُ ذلك تأكيداً للمنع من بيع الميتة، حيث لم يجعل شيئاً من الانتفاع بها مباحاً (?) .
وقالت طائفة: بل أرادَ أنَّ بيعها حرامٌ، وإنْ كان قد ينتفع بها بهذه الوجوه، لكن المقصود الأعظم من الشحوم هو الأكل، فلا يُباحُ بيعُها لذلك.
وقد اختلفَ العلماءُ في الانتفاع بشحوم الميتة، فرخَّص فيه عطاءٌ، وكذلك نقل ابنُ منصورٍ عن أحمد وإسحاق، إلاّ أنَّ إسحاقَ قال: إذا احتيجَ إليه، وأمَّا إذا وُجِدَ عنه مندوحةٌ، فلا، وقال أحمد: يجوزُ إذا لم يمسه بيده، وقالت طائفة: لا يجوزُ ذلك، وهو قولُ مالك والشافعي وأبي حنيفة، وحكاه ابن عبد البرّ إجماعاً عن غير عطاء.
وأمَّا الأدْهانُ الطاهرة إذا تنجَّست بما وقع فيها من النجاسات، ففي جواز الانتفاع بها بالاستصباح ونحوه اختلافٌ مشهور في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، وفيه روايتان عن أحمد (?) .
وأما بيعُها، فالأكثرون على أنَّه لا يجوزُ بيعُها، وعن أحمد رواية: يجوز بيعُها من كافرٍ، ويُعلم بنجاستها، وهو مروىٌّ عن أبي موسى الأشعري،