وقال الحسن: لولا ما ذَكَر الله من أمر هذين الرجلين - يعني: داود وسليمان - لرأيت أنَّ القُضاةَ قد هلكوا، فإنَّه أثنى على هذا بعلمه، وعَذَرَ هذا باجتهاده (?) : يعني: قوله: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ
الْقَوْمِ} (?) الآية.
وأما الإكراه فصرَّح القرآن أيضاً بالتجاوز عنه، قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ} (?) ، وقال تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} (?) الآية.
ونحن نتكلم إنْ شاء الله في هذا الحديث في فصلين: أحدهما في حكم الخطأ والنسيان، والثاني في حكم الإكراه.
الفصل الأول
في الخطأ والنسيان
الخطأ: هو أن يَقصِدَ بفعله شيئاً، فيُصادف فعلُه غير ما قصده، مثل: أنْ يقصد قتلَ كافرٍ، فيصادف قتله مسلماً.
والنسيان: أنْ يكون ذاكراً لشيءٍ، فينساه عندَ الفعل، وكلاهما معفوٌّ عنه، بمعنى أنَّه لا إثمَ فيه، ولكن رفعُ الإثم لا يُنافي أنْ يترتَّب على نسيانه حكم.
كما أنَّ من نسيَ الوضوء، وصلَّى ظانّاً أنَّه متطهِّرٌ، فلا إثم عليه بذلك، ثم إنْ تبيَّنَ له أنَّه كان قد صلَّى محدِثاً فإنَّ عليه الإعادة.
ولو ترك التسميةَ على الوضوء نسياناً، وقلنا بوجوبها، فهل يجبُ عليه إعادةُ الوضوء؟ فيه روايتان عن الإمام أحمد (?) .
وكذا لو ترك التسمية على الذبيحة نسياناً، فيه عنه روايتان (?) ، وأكثرُ الفقهاء على أنَّها تؤكل.
ولو ترك الصلاة نسياناً، ثم ذكر، فإنَّ عليه القضاء، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من نامَ عن صلاةٍ أو نسيها، فليُصَلِّها إذا