الأمَّة لا تخرجُ علومهم التي يتكلَّمون فيها عن هذا الحديث، وما دلَّ عليه مجمَلاً ومفصَّلاً، فإنَّ الفُقهاءَ إنَّما يتكلَّمون في العبادات التي هي من جملة خصال الإسلام، ويضيفون إلى ذلك الكلامَ في أحكامِ الأموالِ والأبضاعِ والدِّماءِ، وكلُّ ذلك من علمِ الإسلامِ كما سبق التنبيه عليه، ويبقى كثيرٌ من علم الإسلامِ مِنَ الآدابِ والأخلاقِ وغير ذلك لا يَتَكلَّمُ عليه إلاَّ القليلُ منهم، ولا يتكلَّمون على معنى الشهادتين، وهما أصلُ الإسلام كلِّه.

والذين يتكلمون في أصول الدِّيانات، يتكلَّمون على الشَّهادتين، وعلى الإيمان باللهِ، وملائكته، وكتبه، ورسُله، واليومِ الآخرِ، والإيمان بالقدر (?) .

والذين يتكلَّمون على علم المعارف والمعاملات يتكلَّمون على مقام الإحسان، وعلى الأعمال الباطنة التي تدخلُ في الإيمان أيضاً (?) ، كالخشية، والمحبَّة، والتوكُّلِ، والرِّضا، والصَّبر، ونحو ذلك، فانحصرتِ العلومُ الشَّرعية التي يتكلَّمُ عليها فِرَقُ المسلمين في هذا الحديث، ورجعت كلُّها إليه، ففي هذا الحديث وحدَه كفايةٌ، وللهِ الحمدُ والمنَّةُ (?) .

وبقي الكلام على ذكر السَّاعةِ مِنَ الحَديث.

فقول جبريل عليه السَّلام أخبرني عن السَّاعة، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((ما المسئول عنها بأعلمَ من السَّائل)) (?) يعني: أنَّ علم الخلق كلِّهم في وقتِ السَّاعة سواءٌ، وهذه إشارةٌ إلى أنَّ الله تعالى استأثر بعلمها (?) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015