بَيْعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِلَّا كَأَكْلِ لَحْمِهَا؟ وَكَرِهَهُ طَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَبِيعُوهَا، فَيَأْكُلُونَ أَثْمَانَهَا. وَأَمَّا إِذَا دُبِغَتْ، فَمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهَا بِالدَّبْغِ، أَجَازَ بَيْعَهَا، وَمَنْ لَمْ يَرَ طَهَارَتَهَا بِذَلِكَ، لَمْ يُجِزْ بَيْعَهَا، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْقَمْحِ إِذَا كَانَ فِيهِ بَوْلُ الْحِمَارِ حَتَّى يُغْسَلَ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بَيْعَهُ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ بِحَالِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا يَعْلَمَ نَجَاسَتَهُ.
وَأَمَّا الْكَلْبُ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ» . وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ» . وَفِيهِ عَنْ مَعْقِلٍ الْجَزَرِيِّ «عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ، فَقَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ» . وَهَذَا مِمَّا يُعْرَفُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. وَقَدِ اسْتَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رِوَايَاتِ مَعْقِلٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: هِيَ تُشْبِهُ أَحَادِيثَ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَقَدْ تَتَبَّعَ ذَلِكَ، فَوَجَدَ كَمَا قَالَهُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَيْعِ الْكَلْبِ، فَأَكْثَرُهُمْ حَرَّمُوهُ، مِنْهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ أَبُو