وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعًا عَنْ غَيْرِ عَطَاءٍ. وَأَمَّا الْأَدْهَانُ الطَّاهِرَةُ إِذَا تَنَجَّسَتْ بِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ النَّجَاسَاتِ، فَفِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِالِاسْتِصْبَاحِ وَنَحْوِهِ اخْتِلَافٌ مَشْهُورٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ. وَأَمَّا بَيْعُهَا، فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ: يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ كَافِرٍ، وَيُعْلَمُ بِنَجَاسَتِهَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ خَرَّجَ جَوَازَ بَيْعِهَا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِنَصِّ أَحْمَدَ بِالتَّفْرِقَةِ، فَإِنَّ شُحُومَ الْمَيْتَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهَا بِالْغَسْلِ، فَيَكُونُ - حِينَئِذٍ - كَالثَّوْبِ الْمُتَمَضِّخِ بِنَجَاسَةٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ مَنْعُ بَيْعِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّ الدُّهْنَ الْمُتَنَجِّسَ فِيهِ مَيْتَةٌ، وَالْمَيْتَةُ لَا يُؤْكَلُ ثَمَنُهَا. وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ، فَمَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا، جَازَ بَيْعُهُ، لِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَهَذَا كَالشِّعْرِ وَالْقَرْنِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِطَهَارَتِهِمَا، وَكَذَلِكَ الْجِلْدُ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهُ طَاهِرٌ بِغَيْرِ دِبَاغٍ، كَمَا حُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَتَبْوِيبُ الْبُخَارِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: «إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» . وَأَمَّا الْجُمْهُورُ الَّذِينَ يَرَوْنَ نَجَاسَةَ الْجِلْدِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، فَأَكْثَرُهُمْ مَنَعُوا مِنْ بَيْعِهِ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَيْتَةِ وَشَذَّ بَعْضُهُمْ، فَأَجَازَ بَيْعَهُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ، وَلَكِنَّ الثَّوْبَ طَاهِرٌ طَرَأَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ، وَجِلْدُ الْمَيْتَةِ جُزْءٌ مِنْهَا، وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ. وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: هَلْ