وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِسْلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِ، فَهِيَ كَالْأَرْكَانِ وَالدَّعَائِمِ لِبُنْيَانِهِ، وَقَدْ خَرَّجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي " كِتَابِ الصَّلَاةِ " وَلَفْظُهُ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسِ دَعَائِمَ» فَذَكَرَهُ. وَالْمَقْصُودُ تَمْثِيلُ الْإِسْلَامِ بِبُنْيَانِهِ وَدَعَائِمُ الْبُنْيَانِ هَذِهِ الْخَمْسُ، فَلَا يَثْبُتُ الْبُنْيَانُ بِدُونِهَا، وَبَقِيَّةُ خِصَالِ الْإِسْلَامِ كَتَتِمَّةِ الْبُنْيَانِ، فَإِذَا فُقِدَ مِنْهَا شَيْءٌ، نَقَصَ الْبُنْيَانُ وَهُوَ قَائِمٌ لَا يَنْتَقِضُ بِنَقْصِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ نَقْضِ هَذِهِ الدَّعَائِمِ الْخَمْسِ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَزُولُ بِفَقْدِهَا جَمِيعًا بِغَيْرِ إِشْكَالٍ، وَكَذَلِكَ يَزُولُ بِفَقْدِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالشَّهَادَتَيْنِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا: " «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» " وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " «عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ» " وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " «عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ» ". وَبِهَذَا يَعْلَمُ أَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ الْإِسْلَامِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي. وَأَمَّا إِقَامُ الصَّلَاةِ، فَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَهَا، فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ