وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْلَى بِالْكَلَالَةِ بِالْمِيرَاثِ، ثُمَّ الْأَخَ لِلْأَبِ» ، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَلَوْ بِالتَّنْبِيهِ، فَلَيْسَ هُوَ مِمَّا أَبْقَتْهُ الْفَرَائِضُ، بَلْ هُوَ مِنْ إِلْحَاقِ الْفَرَائِضِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ بِأَهْلِهَا، كَتَوْرِيثِ الْأَوْلَادِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمِ الْفَاضِلَ عَنِ الْفُرُوضِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَتَوْرِيثُ الْإِخْوَةِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ كَذَلِكَ، وَدَلَّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ يَأْخُذُهُ الذَّكَرُ مِنْهُمْ عِنْدَ الِانْفِرَادِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَدَلَّ أَيْضًا بِالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ الْبَاقِيَ مَعَ الْبِنْتِ كَمَا كَانَتْ تَأْخُذُهُ مَعَ أَخِيهَا، وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهَا كَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَابْنِهِ، فَإِنَّ أَخَاهَا إِذَا لَمْ يُسْقِطْهَا فَكَيْفَ يُسْقِطُهَا مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ؟ فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ بَابِ إِلْحَاقِ الْفَرَائِضِ بِأَهْلِهَا، وَمِنْ بَابِ قِسْمَةِ الْمَالِ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُذْكَرْ بِاسْمِهِ مِنَ الْعَصَبَاتِ فِي الْقُرْآنِ، كَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَابْنِهِ، فَإِنَّمَا دَخَلَ فِي عُمُومَاتِ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] [الْأَنْفَالِ: 75] ، وَقَوْلُهُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 33] [النِّسَاءِ: 33] ، فَهَذَا يَحْتَاجُ فِي تَوْرِيثِهِمْ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ، أَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لِلْمَالِ وَارِثٌ غَيْرُهُمْ، انْفَرَدُوا بِهِ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ