الْعَصَبَاتِ الَّذِينَ لَمْ يُصَرَّحْ بِتَسْمِيَتِهِمْ فِي الْقُرْآنِ، فَإِذَا ضُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى آيَاتِ الْقُرْآنِ، انْتَظَمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعْرِفَةَ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ بَيْنَ جَمِيعِ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ.
وَنَحْنُ نَذْكُرُ حُكْمَ تَوْرِيثِ الْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَحُكْمَ تَوْرِيثِ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ مِنَ الْأَبِ، كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي آخِرِ السُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَأَمَّا الْأَوْلَادُ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] [النِّسَاءِ: 11] ، فَهَذَا حُكْمُ اجْتِمَاعِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ أَنَّهُ يَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَوْلَادُ، وَأَوْلَادُ الْبَنِينَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، فَمَتَى اجْتَمَعَ مِنَ الْأَوْلَادِ إِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ، اقْتَسَمُوا الْمِيرَاثَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ بِنْتٌ لِلصُّلْبِ أَوِ ابْنَتَانِ، وَكَانَ هُنَاكَ ابْنُ ابْنٍ مَعَ أُخْتِهِ اقْتَسَمَا الْبَاقِيَ أَثْلَاثًا؛ لِدُخُولِهِمْ فِي هَذَا الْعُمُومِ. هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةِ. وَذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ بَنَاتِ الصُّلْبِ الثُّلُثَيْنِ كُلُّهُ لِابْنِ الِابْنِ، وَلَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ، فَلَا يُعَصِّبُ عِنْدَهُمُ الْوَلَدُ أُخْتَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا فَرِيضَةٌ لَوِ انْفَرَدَتْ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ قَالُوا فِيمَا إِذَا كَانَ هُنَاكَ بِنْتٌ وَأَوْلَادُ ابْنٍ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، إِنَّ الْبَاقِيَ لِجَمِيعِ وَلَدِ الِابْنِ، لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي بِنْتٍ وَبَنَاتِ ابْنٍ وَبَنِي ابْنٍ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ وَلَدِ الِابْنِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا أَنْ تَزِيدَ الْمُقَاسَمَةُ بَنَاتِ الِابْنِ عَلَى السُّدْسِ، فَيُفْرَضُ لَهُنَّ السُّدُسُ، وَيُجْعَلُ الْبَاقِي لِبَنِي الِابْنِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ، فَقَالُوا: النِّصْفُ الْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ